BlogUncategorizedعزّنا بطبعنا

عزّنا بطبعنا

الوطن لا يختصر في شعار، ولا يحصر في كلمات، بل يتجسد في روح باقية، وفي طبع متجذر. واليوم الوطني الخامس والتسعون ليس مجرد احتفاء بيوم في تقويم زمني، بل شهادة على أن الهوية لا تصاغ بالخطاب، بل تثبتها الأيام، ويشهد عليها التاريخ.

وهُنا، حيث يأتي الحضور بلا تكلف، وحيث يكفي أن ترى ملامح الأرض لتدرك أن العز ليس زينة مضافة، بل جوهر يسكن في أعماقها. فهي أرضٌ صنعت قيمتها من صدقها، ومن ثباتها، ومن جذور ضاربة في التاريخ لا تهتز مهما تغيرت العصور.

فهويتنا تتجاوز حدود الشعار… لأنها انعكاس لطباعٍ صافية ظلت راسخة، لم تُشوه بالتصنع، ولم تُغير بالزمن. ولطباعٌ تعلّمنا منها أن الكرامة لا تُشترى، وأن الكبرياء الحق لا يُقاس بالصوت المرتفع، بل بالثبات وبالبصمة التي لا تُمحى.

وفي هذا اليوم، لا نحتفل بما أنجزناه فحسب، بل بما لم يتغير فينا رغم كل تحول. فنحتفل بأن الجذور بقيت ثابتة، وأن الأصل ظلّ صادقًا، وأن العزّ لم يكن يومًا طارئًا، بل كان منذ البدء هو الطبع الذي يسري فينا، ويشكّل ملامحنا،

وهذا الوطن لم ينتظر من يعرفه، فهو يعرف نفسه منذ الأزل. ويعرف أيضًا أنه لم ولن يحتاج إلى شهادات، فحضوره يكفي ليشهد له الجميع. ومن أول الصحراء التي تحفظ الحكايات في صمتها، إلى الجبال التي تقف بوقارٍ لا تتغيّر، وصولًا إلى الإنسان الذي يشبهها في ثباته ويشبهها في علوه… فالكل يقول القصة ذاتها وهي أن عزنا عزّ راسخ لا يقايض ولا يُباع.

ومع النهضة التي يعيشها الوطن اليوم، بقيادة سيدي ومولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبرؤية سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله.. الذي جعل من الطموح مشروعًا وطنيًا، يتضح أن الطريق الذي نمضي فيه لا يقوم على الإنجاز وحده، بل على الطبع الذي يحمي الإنجاز ويُعطيه معناه،

فاليوم الوطني إذن ليس لحظة ماضية تُستعاد، ولا يوم حاضر يُحتفل به، بل هو امتداد لمعنى خالد وهو أن الهوية ليست شعارًا مؤقتًا، بل روحًا تُولد مع الأرض وتبقى معها… روحٌ تذكّرنا أن العزّ حين يكون طبعًا، فهو لا يزول، ولا يقاس، بل يعاش.وهكذا، فإن اليوم الوطني الخامس والتسعون ليس مجرد تاريخ يُذكر، بل وعدٌ يتجدد، ورسالةٌ تُكتب بدماء الأجداد وتُوقّع بإنجازات الأحفاد، فحب الوطن ليس عاطفة عابرة، ولا تزيينًا بالقصائد، بل التزامٌ دائم بأن نكون أوفياء للأرض التي صنعتنا، وأن نحفظ عهد القيادة التي رسمت لنا الطريق، وأن نمضي مع رؤيةٍ تجعل المستحيل واقعًا،

فعاش الوطن…

عزًّا لا يُدانيه عز، ومجدًا يعلو فوق كل مجد.

عاش الوطن الذي لا يُقاس بالمساحة، بل بالكرامة الراسخة، وبالقلوب التي تنبض باسمه صباحًا ومساءً.

IMG 20250920 WA0071

مشاركة المقالة

https://tnawab.sa

الكاتب طارق محمود نواب