إمبراطورية الذات
في داخل كلّ إنسانٍ إمبراطوريةٌ متراميةُ الأطراف،
حدودها الوعي، وجيشها العزيمة، وعرشها الإيمان بنفسه.
فليست الإمبراطوريات كلها تُبنى بالحجارة،
فبعضها يُقامُ من أفكارٍ تُحسن إدارة ذاتها،
ومن قلبٍ يعرف متى يُقاتل ومتى يُسامح.
فالمعركة الحقيقية لا تدور بينك وبين الآخرين،
بل بينك وبين نفسك حين تُضعفك الأعذار،
وتُغريكَ الراحة بالتنازل عن أحلامك.
وحين تنتصر على خوفك، تتّسع أرضك،
وحين تَهزم كسلك، تزدهر إمبراطوريتك،
وحين تُنصت لصوتك الداخلي،
تكتشف أنّ المجد لا يُورَّث، بل يُصنَع.
ففي إمبراطورية الذات، لا مكانَ للانهزام،
ولا وجودَ لعملة الحسد أو الغيرة،
بل ميزانُها الاتزان،
وسلاحُها الحكمة،
ودستورُها الصدق مع النفس.
وفي أروقة هذه الإمبراطورية،
تتجوّل الأحلام كفرسانٍ من نور،
تحرسها التجارب، وتُنضجها الخيبات،
ويظلّ الإصرار حارسًا لبوّابة الطموح،
فكلُّ جرحٍ فيها وسام، وكلُّ عثرةٍ درس،
فمن لم يسقط في معركة ذاته، لن يعرف معنى النهوض،
ومن لم يختبر ظلامه، لن يعرف قيمة نوره.
وفي نهاية المطاف،
تدرك أن أقوى إمبراطوريةٍ في الوجود،
هي تلك التي تُقام في داخلك…
بلا جنود، ولا أسوار،
بل بإنسانٍ يعرف من هو،
ويؤمن أنه كفيلٌ بصناعة مجده.
