وحيُ القلم
القلم ليس أداة القلم مغامرةٌ خطرة.
يُحرّضك على كشف ما تتهرّب منه،
ويجرّك إلى اعترافاتٍ لم تجرؤ يومًا على قولها بصوتٍ مسموع.
في وحي القلم،
تتدلّى الأفكار من سقف الوعي كشراراتٍ ساخنة،
وتتشابك الجُمل كحبالٍ تسحبك من منطقتك الآمنة
إلى منطقة الحقيقة،
الحقيقة التي تحاول تجميلها أمام الناس،
لكن القلم يعرّيها بلا رحمة.
فالقلم لا يكتب
القلم يفضح.
يقتحم صدرك، ويخطف ما فيه، ثم يضعه على الورق
كجريمةٍ مكتملة الأدلة.
وحي القلم ليس إلهامًا،
بل انحيازٌ للشجاعة،
وتمرّدٌ على الصمت،
وتحدٍّ لكل ما يُقال “دعها تمرّ”.
والقلم يقف ضدك حين تجامل،
ومعك حين تصدق،
ويصفّق لك حين تكسر جدارًا كنت تخشاه.
فهو الفوضى التي تُعيد ترتيبك،
والمعركة التي تحتاجها لتهزم نفسك القديمة،
والشرارة التي تُضيء طريقك
حين يخونك كل شيء… حتى صوتك.
والقلم…
ليس كتابة.
القلم إعادة تشغيل للإنسان.
ولأن القلم لا يعرف المجاملة،
فهو أوّل من يكشف نواياك لو فكّرت حتى في خداعه،
حيث تكتب سطرًا لتبدو حكيمًا…
فيكشف أنك مرتبك.
فتكتب لتُخفي مشاعرك…
فيُخرجها إلى العلن وكأنه يبيعها بالمزاد.
تظن أنك تتحكّم فيه…
ثم تكتشف أنك أنت الحبر، وهو الكاتب الحقيقي.
وفي النهاية…
لا تتعامل مع القلم كصديقٍ وفيّ،
فهو أوفى مما تحتمل،
وأصدق مما ترغب،
وأجرأ من أن يتركك تهرب من نفسك.
فاكتب به إن شئت،
لكن تذكّر
إن القلم لا يعمل عند الطلب…
فالقلم يفضح عند اللزوم.
