هل سيأخذ الذكاءُ الاصطناعيُّ وظائفَنا؟
يستيقظ العالمُ كلَّ يومٍ على قفزةٍ جديدةٍ في قدراتِ الذكاءِ الاصطناعيّ…
من آلاتٍ تُنفّذ الأوامر،
إلى أنظمةٍ تُفكّر، تُحلّل، وتبتكر.
وبين هذا التحوّلِ الجارف، يتردّدُ السؤالُ الكبير
هل سيأخذُ الذكاءُ الاصطناعيُّ وظائفَنا؟
أم سيُعيدُ تعريفَ معنى أن نعمل… أن نعيش… أن نكون؟
لقد مرّ الإنسانُ عبرَ التاريخِ بثوراتٍ صناعيةٍ كثيرة
البخار، الكهرباء، الحاسب…
فكلها ثورةٍ أغلقت أبوابًا، لكنها فتحت أبوابًا أوسع.
غير أن الثورةَ الحاليةَ ليست مجرّد تقنياتٍ تعملُ بدلًا منّا،
بل تقنياتٌ تُفكّرُ معنا… وربما أسرعُ منّا.
فالذكاءُ الاصطناعيُّ لن يسرقَ العملَ الذي
يحتاجُ إلى قلبٍ، إلى خيالٍ، إلى قيم،
إلى سؤالٍ لا يُقاسُ بالبيانات
«لماذا نفعل؟» قبل «كيف نفعل؟»
حيثُ سيزولُ من المشهدِ
كلُّ ما هو متكرّرٌ… روتينيٌّ… وبلا روح،
وسيبقى الإنسانُ حيثُ
تنشأُ الفكرةُ الأولى،
وتُصاغُ الأحلام،
وتُخاضُ التجارب،
وتُتّخذُ القراراتُ الأخلاقية.
فالعصرُ القادمُ لن يقيسَ القيمةَ بعددِ الساعاتِ التي نقضيها في العمل،
بل بعددِ الأفكارِ التي تصنعُ فارقًا.
فالآلةُ تُتقنُ الإنتاج…
لكنَّ الإنسانَ وحدَه يُتقنُ المعنى.
وفي عالمٍ يتسارعُ كالنور،
لن يسقطَ مَن لا يعرف،
بل مَن يرفضُ أن يتعلّم.
ولن يُستبدلَ مَن يعمل،
بل مَن لا يُطوّرُ نفسَه.
واليوم… لا نسأل
«ما الوظائفُ التي سيأخذها الذكاءُ الاصطناعيُّ؟»
بل……
«ما الدورُ الجديدُ الذي يمكنُ أن يلعبَه الإنسان؟»
لأنّ التحدّيَ الحقيقيَّ ليس في سرعةِ الآلة،
بل في قدرةِ الإنسانِ على أن يبقى إنسانًا؛
بأن يحافظَ على شغفِه، وأخلاقِه، وخيالِه الذي لا يُحدّ.
فالآلةُ لا تُحبّ، ولا تخاف، ولا تحلم.
وسيصبحُ الإبداعُ عملةَ المستقبل،
وسيكونُ صاحبُ الموهبةِ هو الأغنى،
والقادرُ على التعلّمِ المستمرِّ هو الأقوى،
ومَن يرفضُ التغيير… سيبقى في الهامش.
في عالمٍ تصنعُه الخوارزميّات،
ليبقى الإنسانُ هو مَن يختارُ الاتجاه.
وأخيرًا…
المستقبلُ ليس صراعًا بين الإنسانِ والآلة،
بل شراكةٌ يصنعُ فيها الإنسانُ الغدَ الذي يستحقّه.
فالذكاءُ الاصطناعيُّ سيغيّرُ الوظائف،
لكنَّ الإنسانَ الواعي
هو مَن سيغيّرُ العالم.
