BlogUncategorizedكأن احبابنا غابوا

كأن احبابنا غابوا


نجلس مع زملائنا وأحبّتنا، ونضحك، ونعيش تفاصيل الأيام وكأنها بلا نهاية. لكنّها تمضي، ويمضي معها بعضهم بلا عودة. ففي رمضان هذا، رحل عنا الكثيرون وفجأة، غابوا عن موائد الإفطار، ولم تصل أصواتهم في السحور، ولم نرَ أسماءهم تضيء هواتفنا. فهم ودعونا وذهبوا لله، تاركين وراءهم فراغًا لا يُملأ.

فقد عاشرناهم ظنًا منا أن الأيام طويلة، وأن اللقاءات ستتكرر، وأن الحياة تسعفنا بلحظات أخرى لكنها لا تفعل. لكننا سرعان ما نُدرك أن هذه الطمأنينة وهم مؤقت، فتأتي علينا لحظة النهاية بلا موعد ولا إنذار مسبق. تلك اللحظة التي تصعد فيها الروح ويُغلق معها باب الدنيا ليُفتح باب الآخرة، ويبقى فقط أثرهم في القلوب.

وبالرغم من أننا ندرك أن الحياة فانية، إلا أن لحظة الفراق دائمًا ما تأتينا مباغتة، فيتوقف الزمن للحظات، ويتركنا غيابهم في حالة من الذهول تجعلنا نسأل كيف مضت الأيام بهذه السرعة؟ وكيف تحوّلت الضحكات إلى صمت، والوجود إلى ذكرى؟ لكن الحقيقة، التي لا فرار منها، أن هذه هي سنة الحياة؛ فكل من نحبهم، عاجلًا أم آجلًا سيغادروننا، أو سنغادرهم نحن. فسيأتي يوم نصبح فيه ذكرى في قلوب آخرين، وسيبكي علينا من أحبّنا، وينظرون إلى صورنا كما نفعل الآن مع من سبقونا انه هذه هى الحياة محطة عبور، وكلنا فيها مسافرون.

فكل إنسان نعرفه هو قصة مؤقتة في حياتنا، وكل علاقة مهما طالت، تنتهي إما بالفراق أو بالرحيل. لهذا، نحن لا نملك إلا الذكريات. ولا نملك إلا أن نعيد استرجاع أصواتهم في عقولنا، ونراهم في زوايا الأماكن التي اعتدنا الجلوس معهم فيها، ونسمع ضحكاتهم تتردد في الفراغ الذي تركوه خلفهم.

لهذا، إن كان لا بد من الفراق، فليكن وداعنا طيبًا، وعشرتنا خفيفة على القلوب، وذكرياتنا رحيمة بمن سيبقون بعدنا، فرحم الله كل من غاب عنا.

 

مشاركة المقالة

https://tnawab.sa

الكاتب طارق محمود نواب