BlogUncategorizedصناع المعروف واهل الفزعات

صناع المعروف واهل الفزعات

بعض الناس في الحياة يشبهون نسمة هواء في يوم حار… بوجودهم نشعر بفرق كبير يجعل يومنا أفضل بكثير. فهم في حياتنا كالنور المتنقّل، فلا تجدهم إلا في مواطن الخير، وجبر الخواطر وصنائع المعروف وبذل الإحسان ، وتري الخير بأقوالهم وافعالهم ومواقفهم. ومع ذلك هم لا ينتظرون شكرًا، ولا يسألون عن مقابل، ولا يبحثون عن مصلحة.

أولئك الذين يؤمنون بأن الحياة رحلة لا يبقي منها إلا كرم الأخلاق وحسن التعامل والأثر الطيب… فهم يساعدون غيرهم وكأن العون طبعٌ فيهم، وكأنهم خُلقوا ليكونوا سبباً في تخفيف الأعباء عن الآخرين، دون أن يُكلّفهم ذلك شيئاً سوى صفاء النية وسلامة القلب.

فحين تحتاج إليهم، تجدهم أول من يعينك. وحين تظلم الدنيا في عينيك، يفتحون لك نافذة لم تكن تراها. فهم لا يعلّقون على ما قدّموه، ولا يذكّروك به، ولا حتى ينتظرون منك امتنانًا. فيتعاملون مع الخير كما لو كان شيئاً طبيعياً عليهم فعله. لكن ما يفعلوه، رغم بساطته في أعينهم، يكون له أثرًا عميق في قلبك، ويظل باقيًا بداخلك ولا يُنسى.

والجميل أنهم لا يطلبون الاعتراف بفضلهم، ولا يحبّون الظهور في المشهد. فقلوبهم متبرمجة على الكرم، وعلى المساندة، وعلى أن يكونوا سنداً لا عبئاً، وضوءً لا ظلًا، وأملًا لا عبوسًا.

إن وجودهم وحده يعلّمك دون وعظ، أن الخير لا يزال موجوداً، وأن الطيبة لا تعني السذاجة، وأن المروءة لم تندثر. وحين تحادثهم، تدرك أن في هذا العالم أناساً وجودهم بحد ذاته نعمة، وأن بعض النقاء لا يمكن صناعته، بل يُولد مع أصحابه.

ورغم أننا قد لا نُحسن شكرهم، أو قد لا نُعبّر عن امتناننا كما ينبغي، فإننا نعلم أنهم سبب في جعل الحياة ألطف، وأنهم من القلائل الذين يجعلون الأيام تمضي بخفة، والقلوب تهدأ، والنفوس تطمئن. فهم باختصار، من خُلقوا ليحدثوا فرقًا حقيقيًا لا يمكننا شرحه. إن وجودهم يشبه إشارات المرور في مدينة مزدحمة… لا أحد يتحدث عنها، لكن بدونها يختل كل شيء.

٢٠٢٥٠٤١٨ ٢٠٢٦٢٢

مشاركة المقالة

https://tnawab.sa

الكاتب طارق محمود نواب