BlogUncategorizedسباقك مع ذاتك… لا مع ظلال الآخرين

سباقك مع ذاتك… لا مع ظلال الآخرين

أخطر ما قد يجرّ الإنسان إلى التعب هو أن يقيس نفسه بميزان غيره. أو أن يربط قيمته بما وصل إليه الآخرون، أو بما يملك غيره من حظوظ وأرزاق. في حين أن المقياس الحقيقي، والأصدق، والأعدل، هو أن يقارن نفسه بنفسه، بما كان عليه أمس، وما أصبح عليه اليوم.

وحين تقارن نفسك بالآخرين، فإنك تدخل سباقًا لم تُدعَ للمشاركة فيه، بل وجدت نفسك تركض في حلبة ليست لك. فيه ستجد دومًا من هو أسرع، أو أذكى، أو أغنى، أو أوفر حظًا، وسيبقى النظر إلى ما عندهم يسرق فرحتك بما لديك. أمّا حين تنظر إلى نفسك فقط، تصبح المقارنة عادلة. فترى خطواتك الصغيرة التي لم يلحظها أحد، وتدرك أنك كبرت عن نسختك القديمة، وأن وعيك صار أوسع، وصبرك أثقل، وإنسانيتك أعمق. وهنا فقط تظهر القيمة الحقيقية… قيمة تصنعها أنت ببطء وصدق، بعيدًا عن ضجيج الآخرين.

فالذين يقيسون حاضرهم بماضيهم فقط هم الذين يعرفون طعم النمو الحقيقي. وهم أيضًا من يعرفون أن خطوة واحدة إلى الأمام، ولو بطيئة، أثمن من الركض وراء صورة مرسومة في حياة غيرهم. فالقيمة ليست في الوصول إلى ما عند الآخر، بل في تخطّي ما كنت أنت عليه. فأن تهزم كسلك القديم، وأن تتجاوز خوفك، وأن تصلّح ما انكسر في داخلك، وأن تعود أقوى مما كنت.

وحين تتبنى هذه الرؤية، ستدرك أن النجاح ليس لوحة واحدة للجميع، بل هو لوحة خاصة بك وحدك. قد لا تشبه غيرك، وقد لا تُرضي عيون الناس، لكنها حقيقية لأنها تخصّك أنت. وكلما حاولت أن تعيش نسخة غيرك، فبذلك تبعد عن حقيقتك، وصار وجودك بلا معنى.

فالمقارنة بالآخرين طريق لا نهاية له، أما المقارنة بنفسك فهي سلم واضح، تصعد درجة بعد أخرى حتى تصل إلى ما يشبهك ويليق بك. وهذا هو المكسب الأكبر… أن تنام كل ليلة وأنت تعلم أنك تجاوزت نفسك، ولو بخطوة صغيرة، وأنك لم تعد كما كنت.

وفي النهاية، لا أحد يملك أن يكون أنت. ولا أحد يعرف معاركك الداخلية، ولا حجم صبرك، ولا تفاصيل الطريق الذي قطعته. لذلك، لا تسمح أن يحدّد أحدٌ قيمتك بمعايير خارجية. واجعل ميزانك الوحيد هو من كنت، ومن أصبحت. وكل انتصار صغير على نفسك هو بطولة لا تُقارن.

IMG 20251126 WA0018

 

مشاركة المقالة

https://tnawab.sa

الكاتب طارق محمود نواب