الحج في مملكة العز والفخر

الحج ليس حدثًا سنويًا عابرًا، بل لحظة عظيمة تتوحد فيها القلوب من كل بقاع الأرض على صعيد واحد، في مشهد لا يشبهه شيء. وحين يُشرف وطني الحبيب على هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، فإن الشرف يتضاعف، لأن خدمة ضيوف الرحمن ليست مهمة، بل مسؤولية كبرى نحملها بروح مخلصة ويقين وإيمان راسخ بقيمتها.

ففي هذه الأيام الطاهرة، وحين ترتفع أصوات التلبية وتتحرك القوافل بين منى وعرفات ومزدلفة، لا يتحرك الحجاج وحدهم. بل يقف خلفهم وطن كامل… وطن يسهر، ويُخطط، ويُنفّذ، ويحتضن. فلا شيء يُترك للصدفة، ولا خدمة تُقدَّم على إستحياء. فكل خطوة مدروسة، وكل تفصيلة محسوبة، لأن هذا الحج لا يُدار كحدث، بل يُصان كأمانة.

فالمملكة، وعلى رأسها مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله، تتعامل مع الحج بوصفه شرفًا عظيمًا لا يقبل التهاون. ولذلك، فلا غرابة أن تشهد مكة والمشاعر المقدسة عامًا بعد عام تطويرات مذهلة ترفع من كفاءة التنظيم، وتحافظ على سلامة الحجاج، وتمنحهم تجربة روحانية خالصة من التعقيد والمشقة.

فمن الحرم الذي يتّسع عامًا بعد عام، إلى قطارات المشاعر التي تختصر المسافات، ومن التطبيقات الذكية التي تسهّل حركة الحجاج، إلى الوجوه الشابة التي تخدم بلا توقف… كل تفصيلة تصب في راحة ضيوف الرحمن، وكأن كل فرد منهم أمانة في عنق وطن. وهذا لم يكن ليتحقق لولا الرؤية الواضحة، والقرارات الحاسمة، والدعم اللامحدود الذي تقوده القيادة بكل وعي ومسؤولية.

فاسيدي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، بروحه العملية وحضوره الدقيق في كل تفاصيل الدولة، منح الحج كل إهتمامته. فالرؤية التي حققها سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ليست فقط اقتصادية، بل إنسانية، وروحية، وإدارية. وفكرة أن تُدار هذه الحشود الهائلة بهذا القدر من الانضباط والمرونة، ليس نتاج صدفة، بل نتيجة جهد متراكم، وعقلية لا ترى في المستحيل عذرًا.

وفي كل موسم، تثبت المملكة أنها لا تُدير موسم حج، بل تحتضن أمة. وأنها لا تقدم خدمات، بل تبني تجربة إيمانية تستحقها هذه الفريضة العظيمة. ومع كل تكبيرة، وكل دمعة في عرفات، وكل دعاء يُرفع من قلب طاهر، يزيد فينا اليقين أن هذه الأرض حُفظت ببركة رسالتها، وبصدق من يخدمونها.

فالحج في بلادي، ليس فقط رحلة روح، بل قصة وطن يعرف جيدًا معنى الأمانة.