BlogUncategorizedوقاحة بالجملة

وقاحة بالجملة

أسوأ شخص في نظري ليس من يخطئ في حقي مرة أو يخذلني صدفة، بل ذاك الذي يتعمد تشويه صورتي، ويغتابني عمدًا ليرضي غيري، ويبيع اسمي وسمعتي على طاولة المجاملات الرخيصة. فهو لا يؤذيني فقط، بل يخونني مرتين… مرة حين يطعنني في ظهري، ومرة حين يبتسم في وجهي وهو في الأصل غدار.

إن أقبح الناس ليس من ضايقته تصرفاتي، ولا من استثقل طباعي، بل من جعلني مادة في حديثه ليتقرب من شخص آخر، ومن استثمر سمعتي ليكسب مصلحة، وكأن الكرامة سلعة يمكن التفاوض عليها.

وما يوجع أكثر ليس ما يُقال، بل الطريقة التي يُقال بها، والنغمة التي توحي وكأن العيب فيّ خُلُق، وكأن الخطأ متأصل في كياني، وكأنني قيمتي تنحصر في تشويهه لي ليرتفع هو أو يرضى عنه من يسعى خلفهم. فهذا الشخص لا يعرف معنى الوفاء، ولا يدرك ثقل الكلمة ولا تبعات التشويه، ومع الأسف يظن أن اللعب بالسمعة مجرد حديث عابر، وينسى أن ما يُقال في ظهري قد يهدم علاقات ويخلق فجوات لا تُرمم. ولأنه أوقح من أن يعتذر أو يراجع نفسه، يمضي في طريقه كأن شيئًا لم يكن، متجاهلًا ما خلّفه من ضرر، وكأن الطعن بالغيبة والهمز واللمز فعل لا يترك أثرًا.

وما أسوأ من ذلك، مَن ينافق على حساب غيره ويتصنّع الطيبة ويظهر النزاهة بينما يبني صورته على أنقاض الآخرين. فلا يتردد في الحشو بالكلام والتلفيق والتأليف، ومادام ذلك سيكسبه لحظة رضا أو نظرة إعجاب. وهو ذلك الذي لا يستحق ثقة أحد، لأنه إذا كان باعك اليوم ليكسب غيرك، فغدًا سيبيع غيرك ليكسب سواك. فهذا النوع لا يحترم علاقاته، ولا يحفظ أسراره، ولا يعرف معنى النُبل. فقناعه مهترئ، وسلوكه مكشوف، وإن ظن نفسه ذكيًا في التلاعب، فإن الأيام كفيلة بكشفه وتعريته.

فهؤلاء لا يشبهون الأعداء الظاهرين، بل أقسى لأنهم ينتمون إلى الدائرة الأقرب، فهم يلبسون قناع القرب ثم يستخدمونك جسرًا للوصول إلى من يظنون أنه أعلى أو أهم. والمؤلم في الأمر أنك لا تفقد فيهم مجرد شخص، بل تفقد طمأنينة العلاقة، وتخسر الثقة التي لا تعود كما كانت. فقد تسامح، لكنك لن تنسى، وقد تتجاوز، لكنك لن تقترب مجددًا. لأن من اعتاد تشويهك ليكسب غيرك، لا يعرف معنى الشرف، ولا يستحق أن يكون جزءًا من حياتك.

IMG 20250426 WA0041

مشاركة المقالة

https://tnawab.sa

الكاتب طارق محمود نواب