BlogUncategorizedفخ الشخصنة

فخ الشخصنة

سمعتُ الكثير من مشاكل الناس وأحداث حياتهم، سواء في الزواج، أو العمل، أو أي علاقة أخرى، وكلما تأملت فيها وجدت أن الشخصنة هي الباب الرئيسي للمشاكل. فعندما يأخذ الإنسان كل كلمة تُقال له على محمل شخصي، سواء كانت هذه الكلمة من أي أحد تجمعه به علاقة اجتماعية، أو حتى شخصًا يتعامل معه بشكل عابر، فإنه يقع في فخ الشخصنة، ويجد نفسه عالقًا في دائرة لا تنتهي من الانفعال والتوتر المستمر.

فالمدير عندما يأمر أو يوجه، فهو لا يخاطبك كشخص، بل يتحدث مع منصبك ومسؤولياتك في وظيفتك. والزوجة عندما تطلب شيئًا، فهي تطلبه باعتبارك شريكها، وفقًا لمتطلبات الحياة الزوجية، وليس لأنها تريد السيطرة عليك أو التقليل منك. ويمكنك قياس ذلك على كل من حولك. لكن التفكير الشخصاني يجعل الإنسان يرى كل موقف على أنه استهداف مباشر له، وكأن الآخرين يحاولون فرض أنفسهم عليه أو التقليل من قيمته. وهكذا، يصبح كل طلب أو توجيه أو حتى ملاحظة، وكأنه إهانة أو محاولة للسيطرة، ما يُدخل الإنسان في صراعات لا تنتهي مع نفسه ومع من حوله.

فعندما يتخلص الإنسان من الشخصنة، يدرك أن الحياة أكبر من هذه الحسابات الضيقة، وأن الناس في النهاية يتصرفون وفق احتياجاتهم، وليس بالضرورة بدافع الإساءة إليه. فالشخصنة تجعل الإنسان مشغولًا بتفسير نوايا الآخرين بدلاً من التركيز على الأفعال بموضوعية لذا، فالشخص الواثق لا يتأثر بكلمات عابرة، ولا يقف عند كل تصرف أو نبرة صوت، بل يتعامل مع الأمور كما هي، لا كما يتخيلها عقله المثقل بالحساسيات. فهو يدرك أن بعض الناس تافهون بطبيعتهم، وأن كلماتهم لا تستحق الاهتمام أصلًا، فلماذا يعطيهم قيمة أكبر مما يستحقون؟

ولذلك عندما يتوقف الإنسان عن أخذ الأمور بشكل شخصي، يصبح أكثر راحة وحرية، ويتعامل مع المواقف بهدوء، ولا يسمح لأي كلمة أو موقف أن تهز استقراره النفسي. فلا شيء يستحق أن يثقله بهذا الشكل، ولا شيء يجعله يعيش في توتر دائم. والحقيقة أن التجاوز والتجاهل أحيانًا هما الحل الأمثل، فالحياة ليست معركة مستمرة لإثبات الذات، بل مساحة للعيش بأريحية بعيدًا عن التفسيرات الضيقة والافتراضات الخاطئة.

IMG 20250404 WA0039

مشاركة المقالة

https://tnawab.sa

الكاتب طارق محمود نواب