BlogUncategorizedخالف تُعرف

خالف تُعرف

كلنا نعرف ذاك الشخص الذي يجد في الانتقاد متنفسه ووسيلته الأثيرة ليمرّ بين الناس متمتمًا بكلماتٍ تُنقص من قيمة ما حوله. ذاك الذي ينظر إلى الأشياء بعينٍ لا ترى إلاّ العيوب، وكأن العتمة تسكن في أعماقه حيث تطغى على ما يرى من جمال وتمنعه من اكتشاف بذور الضوء التي تحيا في أبسط تفاصيل الحياة.

فالشخص المنتقد ليس كأي شخص يُبدي رأيه بحيادٍ أو يبحث عن تحسين الأمور، بل يختار الكلمات الحادة ويَجِد في العثرات ما يشبع شغفه وكأنّ حياته تلتفّ حول هذا النقد. فهو يمشي بين الناس يحرّك لسانه في انتقاد كل شيء وكل فكرة تُطرح عليه تكون هدفًا لسهامه، وكل إنجاز يُعرض أمامه يتحوّل إلى ميدانٍ يسلّط عليه سلبية أفكاره.

لكن لماذا تُعَد هذه الشخصية من أخطر الشخصيات على نفسية الآخرين؟ فهي ليست فقط تستنزف طاقة الفرد، بل إنها توجّه بوصلة أحلامه نحو الشك والخوف. حينما تجد الشخص المنتقد يسرد لك تفاصيل ما يعتبره خطأً، ويغفل عن أي بارقة أمل حيث يبدأ داخلك في الانطفاء، شيئًا فشيئًا ويظن البعض أن هذا الشخص ربما يقدّم نصائح واقعية، لكن الحقيقة أنّ تركيزه ينصبّ فقط على نقاط الضعف، مغيّبًا عنك مواطن القوة ومشجعات النجاح.

فكثيرًا ما تُحبَط آمالك بسبب تكرار الاستماع لانتقاداته المتواصلة، حتى تقتنع داخليًا بأنّ كل ما تفكّر به هو مجرد عبثٍ وأوهام. فكم من فكرة ذهبت في طيّ النسيان، وكم من حلمٍ تبدّد تحت وطأة هذه الانتقادات التي لا تعرف رحمة.

فالشخص المنتقد لا يتغير، فهو دائماً يرى الأشياء بنمط ثابت، عيناه تقتصران على الوجه السلبي دون أي بعد آخر. مهما كان الأمر بسيطًا أو عظيمًا حيث تجد حديثه مملوءً بما يعتقده من عيوب ونقائص ولا يتوقّف عن التأكيد على الأخطاء المحتملة والمخاطر المتصوّرة، مغلقًا بذلك الباب أمام الإيجابية والابتكار ولاشك ان

هذا الشخص لا يشجعك على المغامرة ولا يمنحك الشجاعة للسير في طريق جديد، بل يسعى بأسلوبه إلى جعلك تظلّ في مكانك، مترددًا، خائفًا من اتخاذ أي خطوة قد تقودك نحو النجاح

ومن المهم إدراك أن الاحتكاك الدائم بالشخص المنتقد يمكن أن يؤثر سلبًا على روحك المعنوية. فإن كان لا بدّ من الاستماع إلى آرائه، ينبغي ألا تأخذها بكاملها، بل تميز بين ما هو نقد بنّاء (وهو غالبًا ما لا يقدمه هذا الشخص) وبين ما هو نقد هدام يهدف إلى التحطيم.

وإذا كنت في بداية طريق نحو تحقيق هدفك، فالأولى أن تبتعد عن هذه الشخصيات قدر الإمكان، وأن تُحيط نفسك بمن يملكون عيونًا تبحث عن الأمل والنقاط المضيئة، وتجد في الإنجاز مهما كان بسيطًا حافزًا للتقدم. إن الشخص المنتقد هو أحد أكثر أسباب الإحباط شيوعًا حيث إنه يملك القدرة على سحبك نحو الخلف بدلًا من دفعك للأمام، تمامًا كحجر ثقيل يجرّك للأسفل في بحرٍ تريد فيه أن تسبح بحرية وتكتشف أبعاده.

إنَّ الحياة قصيرة جدًا لتملأها بأشخاصٍ لا يضيفون سوى عبءٍ على روحك واختر دائمًا من يثري أفكارك ويزيدك إيمانًا بنفسك، ومن يراهن على نجاحك، ويؤمن بقدرتك على الوصول. فالشخصية المنتقدة لن تمنحك شيئًا سوى النظرة السوداوية، فلا تسمح لها بأن تُخمد شعلة طموحك.

 

IMG 20241028 WA0001

مشاركة المقالة

https://tnawab.sa

الكاتب طارق محمود نواب