التسلق على اكتاف الاخرين
من منا لا يجلس في وصلة تفكير يخطط لأحلامه وأماله وكيفية تحقيقها وما يترتب عليها؟ فكل فرد يمتلك جزءً من الخيال الذي يمتزج فيها الواقع بالمثاليات، يُصاغ فيها المستحيل ليصبح ممكنًا، وتتحقق الأمنيات بعيداً عن عناء التفكير وجهد المشقة لتصبح حقائق تعيش في الذاكرة.
إن التفكير في أحلامنا وكيفية تحقيقها ليس مجرد استرسال فكري، بل بالتأكيد يبحث الجميع عن النجاح، فهذه هي الرغبة الأساسية التي تحركهم وتوجههم… إنها مطية الحياة التي يسعى كل فرد لركوبها بأسلوبه وطريقته الخاصة. لكن، هل فكرنا يومًا في كيفية وصولنا إلى قمة هذا السلم لتكليل هذه الجهود بالنجاح؟
فنحن في سباق به نوعين من الناس: نوع يصل إلى القمة بجهوده الذاتية، ونوع آخر يحاولون استغلال ظروف وأشخاص آخرين للوصول إلى هدفهم، لكنهم لا يعلمون أن النجاح الذي يأتي بالتسلق على أكتاف الآخرين على الرغم من سرعته وظهوره في النظرة الأولى بأنه وذو مستقبل باهر في البداية، ولكنه غالبًا ما يكون زائفًا وقصير المدى. ففي كل حال تلك النجاحات التي تبنى على أساس تكذيب الذات والنفاق، تنتهي بسرعة وسهولة، وذلك لأن القدرة على المحافظة على النجاح تأتي من الداخل أولا ً، ولا يمكن أن نستمد قوتنا ابدا من خداع الآخرين.
أما على نقيض ذلك فالنجاح الحقيقي والدائم لا يأتي إلا بالعمل الجاد والاجتهاد، فهو كالسيف المصقول الذي يسلك طريقه بسهولة لا يمكن أن يعيقه في ذلك إلا أشد الشدائد. وهذا النوع من النجاح يتطلب قدراً كبيراً من الصبر والاستمرارية، فكل خطوة على سلم النجاح مدروسة ومؤثرة بشكل كبير ولذلك فهي تحتاج أن تكون خاصتك من البداية. وحينها ترفعك هذه الدرجات إلى القمة وتجعلك في شأن ينمو يوماً بعد يوم دون أن يكون ذلك على حساب أخرين.
لكن وللأسف كما ذكرت سابقاً هناك الكثير ممن يبحثون عن التسهيلات والممرات السريعة، لكنهم يغفلون عن أنهم سيقفون عند تداعيات ما بعد النجاح. فقد تكون البدايةً لامعة، ولكن يتعثر في الطريق بعد أن يدرك أنه بنى أساسه على طموحات زائفة وأساليب هشة تستنزف الثقة والمصداقية.
فلكل منا خياراته في كيفية معالجة النجاح ومحاولة بلوغه. لكن هل سنختار الطريق القصير المغشوش الذي يمكن أن يجلب لنا ألماً لاحقاً، أم سنسعى إلى بناء أساس قوي لنجاحاتنا بجهودنا الذاتية؟ فالإجابة تكمن فيما نريد أن نكون عندما ننظر إلى أنفسنا في المرآة، وفيما نتركه كرائحة عطرة لنا تُركت بعد مغادرتنا، وهل سنكون قد تركنا أثرًا إيجابيًا أم سنكون قد تسببنا في أذى للآخرين ولأنفسنا من قبلهم؟
ولذلك أقول دائماً أن النجاح الحقيقي لا يقاس بمدى الصخب والضجيج الذي نثيره حولنا، بل يأتي بتأثيرنا الإيجابي الحقيقي واستمراريته في حياة الآخرين وفي العالم من حولنا. فالنجاح الذي يأتي من الداخل، يحمل معه القوة الحقيقية للتأثير والتغيير الإيجابي، وفي قبيل ذلك فالنجاح الذي يأتي عن طريق الصعود على أكتاف الآخرين ما هو إلا نجاح زائف يُبنى على أسس هشة لا يمكنها دعم الطموحات الحقيقية في المستقبل.
فأجتهد وتسلق سلم الجهود الصادقة والاجتهاد المستمر، ولا تخشى تأخيراً أو جهداً إضافياً فلا التأخير مستمراً ولا مرارة التعب الزائد دائمة. وفقط بهذه الطريقة سنصل للقمة ونعيش في سلام مع أنفسنا ومع العالم حولنا،
وفي دروب النجاح يُفتّش عن المجد، ويُسخّرون الجهود ليبنوا أبراجَهم، بأيدي الآخرين يستلُهمون النجاح، وفي طيات الغدر ترتدي أقنعتهم.
وتحت ظلال النهم يزرعون الجور، يحصدون الأمجاد والأحلامَ تحتهم، لكنّ الوقت يكشفُ الحقائقَ،
ويبدي أسرارهم، وأفكارهم.
فالنجاح الحقيقي لا يأتي بالغشِّ والخداع، إنما بجهدٍ وإرادةٍ وصدقِ عملهم.